Nour Rocks

واحد شاي من يد جورج أورويل

نشر لأول مرة بموقع مصر العربية في اكتوبر 2017

شرب الشاي هو واحد من أهم العادات في المنطقة العربية عمومًا وفي مصر على الأخص، فهو “المزاج” المفضل لأغلب فئات الشعب غنيه وفقيره خاصة مع انخفاض تكلفته.


وإذا أردنا معرفة الطريقة المثالية لصنع كوب من الشاي المضبوط لن نجد أفضل من الإنجليز “ملوك شرب الشاي” لنتعلم منهم؛ ويعد تقليد “شاي الساعة الخامسة” أعرق التقاليد الإنجليزية على الإطلاق.


وقد قام الكاتب الإنجليزي الشهير “جورج أورويل” – يعرفه محبو الروايات ككاتب رواية 1984 الشهيرة ومزرعة الحيوانات أيضًا – في عام 1946 بنشر مقال لطيف للغاية بدورية “ايفننج ستاندارد” تحت عنوان “كوب مضبوط من الشاي” يناقش فيه القواعد السليمة لصنع الشاي، فاعرني انتباهك الآن لتعرف كيف تشرب “واحد شاي” من يد جورج أورويل شخصيًا.


ولكن قبل أن أبدأ يجب أن أخبركم سريعًا عن الطريقة التقليدية لصنع الشاي في إنجلترا حتى تستطيع أن تفهم نصائح أورويل جيدًا:

– توضع أوراق الشاي في براد الشاي أولًا.
– يتم غلي الماء في غلاية منفصلة.
– يتم صب الماء المغلي في البراد بعد ذلك.
– يتم استخدام البراد لصب الشاي في الأكواب للاستخدام.

سأقوم في السطور القادمة بنقل نصائح أورويل الإحدى عشر الذهبية، وكل ما ستجده بين علامتي تنصيص هو ترجمة حرفية للنص الأصلي ولكن أحذركم كما فعل أورويل في مقدمة مقاله!


“ربما ستجد قاعدة أو اثنتين من تلك القواعد محل اتفاق عام لكن على الأقل 4 من هذه النصائح جدلية وخلافية للغاية”.


أولًا:

يجب استخدام الشاي الهندي أو السيلاني إذا كنت ترغب في الحصول على أفضل مذاق، ولكن يشير أورويل في نفس الوقت إلى إمكانية تناول الشاي الصيني إذا كنت ترى أن الشاي الهندي قد يثقل ميزانيتك لكنه يحذر أن الشاي الصيني “لا يشعر المرء بعد شربه أنه أكثر حكمة أو شجاعة أو تفاؤل” وإن “كوب شاي مضبوط” تعني حتمًا شايًا هنديًا.

ثانيًا:

الشاي يجب أن يتم تحضيره بكميات قليلة في براد شاي حقيقي، فصنع الشاي في غلايات معدنية وما شابهها يفسد نكهة الشاي تمامًا، وعن براد الشاي الحقيقي يخبرنا جورج: “يجب أن يكون البراد مصنوعًا من الصيني أو الخزف، فالبرادات المصنوعة من الفضة تنتج شايًا أقل جودة، والبرادات المصقولة بالمينا تنتج الشاي الأسوأ على الإطلاق”.

ثالثًا:

يجب أن تتم تدفئة البراد فارغًا أولًا، عن طريق وضعه على الموقد أو تعريضه لمصدر حرارة مباشر، يختلف تنفيذ هذه النصيحة حسب نوعية البراد المستخدمة.

رابعًا:

الشاي يجب أن يكون ثقيلًا، ولمعرفة المعيار بالضبط يخبرنا أورويل: “إذا كنت ستقوم بتحضير براد لملء 4 أكواب، فالكمية الصحيحة يجب أن تكون 6 ملاعق شاي صغيرة”، ولكن كإنجليزي أصيل لا ينسى أورويل البعد الاقتصادي، لذا فهو يخبرنا بإدراكه أنه ربما لا يمكن أن نحافظ على هذه النسبة طوال الوقت لكنه مع ذلك لا ينصح بتقليلها بل يقول “رأيي دائمًا هو أن كوبًا من الشاي المضبوط الثقيل أفضل من عشرين كوبا خفيف”.


وينهي هذه الفقرة بنصيحة ذهبية:

“كل عشاق الشاي العارفين لا يتناولونه إلا ثقيلا، وفي الحقيقة أحب شايي أثقل قليلًا كل عام، فكلما زاد عمرك وزادت حكمتك صرت أكثر قدرة على الاستمتاع بالشاي الأثقل”.

خامسًا:

يشدد أورويل على أهمية إضافة أوراق الشاي مباشرة إلى البراد، بدون أي عوائق، كأكياس الشاي أو ما شابه لأنها تقلل من قوة النكهة، ويخبرنا عن أهمية استخدام أوراق الشاي وليس الشاي المطحون أو خرز الشاي”.

سادسًا:

من القواعد الهامة التي يغفلها محبو الشاي في كل مكان ويشدد عليها أورويل كثيرًا: “يجب أن تأخذ البراد إلى غلاية الماء وليس العكس.. الماء يجب أن يكون في لحظة الغليان عند ملامسة الشاي”.


ولتتأكد من فعل هذا يخبرنا أورويل بضرورة أن تبقى الموقد مشتعلًا وقت صب الماء ولا تطفئه حتى تنتهي تمامًا.

سابعًا:

بعد الانتهاء من تحضير الشاي، قم بتقليبه قليلًا، أو ربما من الأفضل كما يخبرنا أورويل أن تقوم برج وتحريك براد الشاي، ثم اترك الأوراق في البراد لتهدأ وتعطي الشاي نكهته الزكية.

ثامنًا:

يخبرنا جورج أن تناول الشاي يجب أن يكون في كوب اسطواني، وليس فنجانًا تقليديًا.


لماذا؟ “لأن هذا النوع من الأكواب يحمل كمية أكبر من الشاي، كما أن الفنجان مسطح ويعرض كمية أكبر من الشاي للهواء مما يعني أن يبرد بسرعة أكبر”.

تاسعًا:

يجب أن تزيل القشدة من فوق اللبن المغلي قبل إضافته للشاي، فاللبن الكثيف الدسم يفسد طعم الشاي.

عاشرًا:

هذه القاعدة هي واحدة من أكثر القواعد التي تثير جدلًا بين محبي الشاي، وهي القاعدة المتعلقة بإضافة الحليب إلى الشاي وإذا كان يجب سكب الحليب أولًا في الكوب قبل الشاي أم سكب الشاي ثم إضافة الحليب فيما بعد؟


يقول أورويل بكل حسم: “يجب أن تصب الشاي أولًا في الفنجان” ويقول أن حجته في هذا الأمر قوية ولا يمكن دحضها “فإضافة الشاي أولا ثم سكب الحليب يسمح لك بالتحكم الدقيق في القدر المطلوب ولكن ترتفع احتمالية أن تضيف أكثر مما يجب إذا عكست الترتيب”.

أخيرًا

ينهي أورويل نصائحه بالقاعدة الذهبية و”الأكثر جدلًا” على حد تعبيره: “لا يجب إضافة السكر للشاي أبدً”.. ورغم اعترافه بعلمه أنه من الأقلية ولكنه ينتقد بشكل لاذع من يضيفون السكر للشاي قائلًا: “خبرني بالله عليك، كيف يمكن أن تعتبر نفسك شريبًا حقيقيًا للشاي وأنت تفسد مذاقه بإضافة السكر؟ لماذا لا تضيف الملح أو الفلفل أيضًا فلا يوجد فارق كبير!”.


ويشدد:

“الشاي يجب أن يكون مرًا، طبيعة الشاي أن يكون مرًا.. إذا قمت بتحلية الشاي، فهو لا يصبح شايًا فأنت يمكنك أن تحصل على نفس المذاق بتناول ماء مغلي محلي بالسكر!”.


ولكن هناك بعض الناس لا يحبون الشاي لذاته ولكنهم يتناولوه فقط ليشعروا بالدفء والطاقة لذا يقومون بإضافة السكر عامدين لقتل نكهة الشاي، يخاطب أورويل هؤلاء قائلًا: “لهؤلاء الضالين أقول.. جرب أن تحتسي شايًا غير محلى لبضعة أيام متتالية، أسبوعان مثلًا وأنا أعدك أنك لن تحتمل بعدها أن تفسد مذاق شايك بإضافة السكر إليه مرة أخرى”.

وينهي أورويل مقاله الممتع بتسائله عن غياب مقالات أخرى تناقش الأمور الهامة الأخرى المتعلقة بالشاي مثل “الاستخدامات المختلفة لبقايا أوراق الشاي، كقراءة الطالع مثلًا، أو إطعام الأرانب، وما يُقال عن فعالية الأوراق في علاج الجروح”.. كما يطالب المجتمع الإنجليزي “إعطاء بعض الاهتمام لتفاصيل مثل تدفئة البراد واستخدام الماء لحظة غليانه حقًا لتتأكد من الحصول على 20 قدحًا مضبوطًا باستخدام وقيتان من الشاي، كما يجب أن يكون”.


أتمنى أن تكون هذه القواعد مفيدة لعشاق الشاي في كل مكان، وأن تساعدك في صنع كوب أورويلي مضبوط “يعدل مزاجك” كما نتوقع من الشاي.


أذا أردت قراءة مقال أورويل الأصلي.. اضغط هنا.

Nour Eldin

Add comment

Follow me

Don't be shy, get in touch. I love meeting interesting people and making new friends.