Nour Rocks

تحت ضوء القمر.. الإنجليزي ماتيو لو تيزييه ملهم تشافي

من الذي لا يعرف بيليه؟ مارادونا؟ رونالدو؟ بيكهام؟ ميسي؟ كريستيانو رونالدو؟


نجوم الكرة المشاهير الذين حصدوا كل شيء، شهرة ونجومية وبطولات، كمن يسطع تحت ضوء الشمس اللامع، لهذا لن يكونوا هم من نتحدث عنهم خلال هذه السلسلة، بل سنتحدث عن لاعبين آخرين، ضوءهم أكثر خفوتًا كضوء القمر.


هادئ، جميل، ومليء بالرومانسية لكنه أقل لمعانًا، لا يهتدي به إلا العاشقين ولا يراه إلا المحبين.


سنحدثكم اليوم عن ماتيو لو تيزييه ملهم تشافي هيرنانديز وأيقونة طفولته ومعشوق بلدة ساوثامبتون الإنجليزية.

Matt Le Tissier exclusive: Southampton legend on why he never left the  Saints and his England disappointment


ربما قد تكون شاهدت أحد أهدافه الأعجوبية في إحدى كليبات يوتيوب الخاصة بالأهداف الجميلة، ربما رن في أذنيك اسمه إذا كنت من متابعي سكاي سبورتس حيث يعمل كمحلل فني الآن، بل وربما تعرف الرجل إذا كنت مهووسًا حقيقيًا بالدوري الإنجليزي.


“موهبته خارقة للعادة، يستطيع أن يمر بسهولة من 7 لاعبين دون حتى أن يركض! فقط يمر من خلالهم بسلاسة، لقد كنت أشاهده وأنا طفل صغير وأحاول تقليده في مرحلة الناشئين، لقد كان مثلي الأعلى، وأرى أنه أكثر اللاعبين الإنجليز موهبة على الإطلاق، لقد كان لاعبًا مذهلا للغاية”.


لا، لم تكن هذه الكلمات في وصف بول سكولز أو زين الدين زيدان، بل هي كلمات تشافي هرنانديز أيقونة وسط الجيل الذهبي لبرشلونة في وصف اللاعب الذي لم يحصل قط على بطولة خلال 16 عامًا من كرة القدم.. ماتيو لو تيزييه.

ماتيو الذي حصل على جائزه أفضل لاعب شاب في 1990، وأول لاعب وسط في تاريخ الدوري الإنجليزي يحرز 100 هدف، والحاصل على جائزة أفضل هدف في الدوري الإنجليزي 1994، والمتواجد دائمًا في قوائم أجمل أهداف الدوري.. أمضى حياته الكروية الاحترافية كلها مع نادي ساوثامبتون الإنجليزي بين 1986 و2002.


على مدار مشواره الكروي حصل ماتيو على اهتمام كثير من الفرق الكبيرة، فقد حاول تشيلسي وتوتنهام التعاقد معه كثيرًا في بدايات ووسط التسعينات، وكانت هناك العديد من الإشاعات طوال الوقت عن قرب انتقاله للعديد من أندية القمة، لكنه رفض كل هذا وكان رده دائمًا عن أسباب الرفض بسيط: “أسباب عائلية.. أنا سعيد حيث أنا الآن”، ضاربًا مثالًا غير مسبوق في الوفاء للعبة كرة القدم ولناديه.
 

حين يحدثك البعض عن أساطير الوفاء والانتماء في كرة القدم تسمع أسماء مثل مالديني وريان جيجز، يتناسى محدثك أن يخبرك بمدى سهولة أن تظل وفيًا لنادٍ ينافس على البطولات كل عام. نادي يوجد تحت ضوء الشمس اللامعة طوال الوقت كميلان ومانشستر يونايتد حيث تتوافر فرص الشهرة والمجد، لكن ماتيو يعلم أن ساوثامبتون ليس مانشستر يونايتد، يعلم أنه سيظل دائمًا تحت ضوء القمر بخفوت وجمال دون لمعان، لهذا توج على عرش قلب جمهور ساوثامبتون ولقبوه بـ LeGod، ومن المشاهد المثيرة المعتادة أن ترى جمهور ساوثامبتون ينحني له عندما يذهب ليلعب ركلة ركنية أو ركلة جزاء.

ماتيو من هذا النوع من لاعبي الكرة الذي يندر وجوده في عصر سيطرة المال والصناعة على الكرة، لاعب يرى كرة القدم كما هي فعلًا: مناسبة للاستمتاع والإمتاع، يرى كل مباراة مناسبة جديدة للركض وإحراز الأهداف والاحتفال مع أصدقائه، والجمهور الذي يعشقه بموهبته الخارقة للعادة.
 

“أريد أن أمتع الناس بكرة القدم، وإرسال الكرة في أقصى الزاوية العليا من المرمى من على مسافة 25 ياردة بدا لي طريقة جيدة لفعل ذلك”.


يتحدث ماتيو عن فترته الأفضل كلاعب مع المدرب الأسطوري آلان بيل حيث أحرز 45 هدفًا في 65 مباراة قائلًا: “ما أحببته حقًا في آلان هو أنه لم يكن من محبي التدريب الشاق لساعات طويلة، كان هذا مثاليًا بالنسبة لي، ألعب في فريق يتم بناءه حولي، مدربي يرى أني لاعب جيد ويريدنا فقط أن نتدرب لساعتين يوميًا طالما نقوم بالتدريب بشكل صحيح، في بعض الأيام أكون في مضمار الجولف بحلول الساعة الثانية عشرة ظهرًا، كان ذلك رائعًا”!
 

وكان رأي آلان بيل: “لقد كان ظاهرة كروية، كان شجاعًا للغاية ويملك قلب أسد، تسبب بمفرده وبأهدافه المذهلة في بقاء ساوثامبتون في الدوري الممتاز لسنوات عديدة”.

ماتيو لو تيزييه أحب الكرة وأحب الجمهور كعاشق رومانسي يرقص تحت ضوء القمر، لم يهتم يومًا بالمال ولا بالبطولات، بل كل ما كان يريده أن يلعب بألوان معشوقته ساوثامبتون ويمتع جماهيره بموهبته الخارقة للعادة.


لو تيزييه كان يمتلك ترسانة كاملة من الأساليب المذهلة في إحراز الأهداف، لوب بعيد المدى على طريقة ميسي؟ صاروخ بعيد المدى لا تراه سوى في المرمى على طريقة لامبارد؟ كرة متقنة في أقصى الزاوية بتوجيه مميز من باطن القدم كبيركامب؟ يستطيع ماتيو فعل كل هذا وأكثر، لا يمكنك أن تحصر تقنياته في أسلوب محدد للتهديف والمرور.

انظر مثلًا إليه هنا يمر بمهارة مذهلة وسلاسة غير طبيعية من لاعبين كأنهم أشباح ثم دون أن يتردد للحظة يضع الكرة لوب دقيق للغاية فوق واحد من أعظم حراس المرمى في تاريخ الدوري الإنجليزي بيتر شمايكل.

تشعر أنه لا يستطيع أن يحرز أهدافا تقليدية، هو ببساطة غير قادر على هذا ! انظر مثلا لهذا الهاتريك من حقبة ما قبل البريميير.. أهداف منسية قد لا تعرفها ولكنها لوحة سيريالية بريشة ماتيو كما لو كان فان دالي وماجريت.

من المذهل أن هذا اللاعب الرائع لم يلعب سوى 8 مرات للمنتخب الإنجليزي، كيف لم ير مدربو المنتخب المتعاقبين إمكانية الاستفادة من وجوده؟ لم يكن المنتخب الإنجليزي خرافيًا لدرجة عدم وجود مكان للاعب مثله، دعنا لا ننسى أن هذا المنتخب لم يتمكن من التأهل لكأس عالم 1994!


خلال رحلة التأهل لكأس 1998، لعب ماتيو للمنتخب الرديف England B وأحرز هاتريك رائع أمام منتخب روسيا، ومع ذلك قرر جلين هودل (مدرب المنتخب الإنجليزي آنذاك) عدم أحقيته بالوجود في المنتخب الأول! ولكنهم الإنجليز غير المحبين لما هو خارج عن المألوف والمعتاد، الذين رأوا أن بريان كلوف المدرب الأسطوري والحائز على كاس أوروبا 3 مرات مع نوتنجام فورست يمثل تعيينه مدربًا للمنتخب “مخاطرة غير مأمونة”

ولم يكن هذا كل ما يمتلكه ماتيو في جعبته، فقد كان يمتلك سمعة “القدر الذي لا فكاك منه” في تسديد ضربات الجزاء، ويملك سجلًا مذهلًا للغاية حيث أحرز 47 هدفًا من 48 ضربة جزاء على مدار مشواره الكروي. كانت شهرته في إحرازها مذهلة حتى أن مارك كروسلي حارس نوتنجهام فورست والذي أنقذ ضربة الجزاء الوحيدة منه صرح بعدها أن هذه اللحظة هي الأكثر فخرًا له في تاريخه الكروي بأكمله

سجل ماتيو أهدافًا لا يستطيع سواه أن يسجلها، وقد فعل هذا ببساطة رجل يذهب للمتجر لشراء الخبز. ربما لم يكن لامعًا كدافيد بيكهام لكنه أمضى حياة حافلة تحت ضوء القمر وفي دفء قلوب عشاق كرة القدم.

 

لن يكون هناك من يماثل ماتيو LeGod أبدًا، ابن ساوثامبتون الذي استمتع باللعبة كما استمتعنا نحن بمشاهدته.


ونترككم مع فيديو قصير لأفضل أهداف الإنجليزي ذو الأصول الفرنسية.


نشر لأول مرة في ديسمبر 2015 بمنصة مصر العربية. المقال الأصلي.

Nour Eldin

Add comment

Follow me

Don't be shy, get in touch. I love meeting interesting people and making new friends.